وبينما أنا جالس على كرسيّ في صالة الانتظار ، والتي كانت تحوي من كلا الجنسين ،
لم أكن أشعر في تلك اللحظة إلا بالألم الذي استمات في إذلالي ،
شعرتُ برغبة عارمة بالصراخ ،
وددتُ لو أن الزمن يتوقف لثواني ، ولكني خشيتُ أن تقذفني اللحظة بكل ما بي خارج الوعي فأجد نفسي في رقعة مهجورة بصحراء مجهولة ، أتقلّب على الرمال كالطير المذبوح .
لم استسغ فكرة التلاعب بالوقت ، فأنا في النهاية لستُ سوى ومضة سقطت من ذيل شهاب كان يسبح بين المجرات ،
أنا طرفة عين سكنت جفن مارد عملاق وضخم ، يسدّ براسه قرص الشمس كله إذا وقف ،
أنا زعنفة صغيرة تخشى أن تُظهر نفسها وسط زعانف الحوت الأزرق الراقد في قعر المحيط الهادئ ،
أنا الهدوء إذا اشتد ،
أنا البركان الصامت ،
لستُ سوى كلمة تاهت بين سطور القاموس الذي لم يمسسه بشر ،
فكيف لي بعد كل هذا أن أتمنى توقف الزمن عن الدوران ، كيف والكون كله يعدّ علي الساعات والدقائق ،
فلا مناص من الألم إذاً .
أحطتُ جمجمتي بكلتا راحتاي وصرتُ أضغط ، لعل وجع ضرسي يقفز من فمي باتجاه الفراغ ،
لعله يغادرني بلا عودة ،
وفي لحظة الغفلة من الشيء ، من الزمكان ، من الجسد العالق بين المطرقة والسندان ، جاءت بوجهها الأبيض الناعم ، وشعرها الأسود الكثيف الذي يراقص الهواء المنساب من النافذة ، وبعطرها الأخّاذ اقتربت نحوي ،
اقتربت أكثر ،
نظرت إلى عيناي وقالت :
_لو سمحت ، هل لي بالجريدة ؟
وقفتُ من مكاني بسرعة ، رحتُ أبحثُ لها عن جريدة فأعطيها اياها ، رحتُ أبحث لها عن جريدة .
عليها لعنة العشق في قصيدة ،
أحالتني لكلمات متقاطعة ، لبقايا صفحات ممزقة ،
جعلتني أشعر باللا شيء ، جعلتني أشعر بكل شيء ..
جمعتني في عقد من الزمن ثم بعثرتني في لحظة .
#موعد_في_مرسيليا