( مظاهر )
حسن المظاهر يخدعنا إلى حين
حتى نفيق ويظهر وجهها القذر
وقد يجلب السعد ما نجزع لرؤيته
ويجرح القلب ما يزهو به النظر
فكم خادعتني غيوم كنت أرقبها
حسبت برؤيتها أن ينزل المطر
عبرت سريعا وما جادت بما أرجو
ولم يبق منها ولا من رعدها أثر
وكلما مرت كانت تذكرني
بمن ظننت بوهمي أنهم بشر
كذبوا وما صدقوا في كل ما قالوا
ما أن وثقت بهم بسذاجتي غدروا
مثل الطيور ربيعي كان موسمهم
لما رياح خريفي أقبلت هجروا
لا حس فيهم ولا إنسان داخلهم
كأن أجسادهم في جوفها حجر
مستنقع الدهر غاصوا في قذارته
لنرى قذارتهم كالداء تنتشر
ونسمع الكذب يصدح في مجالسهم
والصدق يهمس في خوف ويستتر
بعدت عن زيفهم وظلام أنفسهم
كي لا أصاب بما فيهم وأنحدر
لم يتركوا شيئا فيهم يذكرني
سوى حسرة فيها الآلام والعبر
وأنين قلبي المعذب حين أسمعه
نواح طير جريح وهو يحتضر
يعيش بالأمس لما مات حاضره
وحوله الناس للإنسان تفتقر
يغفو ويصحو على أطياف من رحلوا
وذكريات بها تتزاحم الصور
لهم إنتظاره مهما طال لا يجدي
وإن أفني سنين العمر ينتظر
ولا سبيل له للقائهم أبداً
ففراقهم أبدي شاءه القدر
هي الأقدار وقعت لا مرد لها